أصل الكردلا نمض الى عشائر الكرد دون أن نبدي كلمتنا في أصل الكرد. وقد جرت تحقيقات عديدة في أصلهم قديماً وحديثاً، ومن المؤسف أن نرى معالي الأستاذ محمد أمين زكي يقول: "الآثار القديمة الخاصة بالشعب الكردي. المكتشفة حتى الآن لا تعطينا فكرة قاطعة عن أصل الكرد ومنشئهم. فلم يحن الوقت الذي يمكننا فيه أن نبدي رأياً حاسماً في مثل هذا الموضوع التاريخي."اه وفي هذا ما يشجع على البحث، وان الآراء يحتفظ بها، ولكل الحق في إيراد ما عنده. والمدونات العربية في الكرد وأصلهم بصورة عامة كثيرة جداً، تعرضوا لها أثناء المباحث، أو عرضوها. والعرب لم يدعوا ناحية تتعلق بهؤلاء القوم الذين عاشوا معهم، أو جاوروهم إلا طرقوها، وتكلموا على قبائلها وأصولها فكانت مباحثهم جليلة على أن الكرد كانوا معروفين قبل الإسلام بعصور لا يدري أولها إلا أننا لا نجد المدونات عنهم وافية وصحيحة. أما القومية الكردية فلا شك أنها كانت موجودة، وأيدها العرب في تواريخهم، سوى أن الأمم لم تكن آنئذ موضوع المتتبعين والمؤرخين فلا يلتفتون الى الأقوام ونشوئها، بل الأمر يتناول الدول والملوك وأعمالهم لا غير. والكرد من العناصر الفعالة في العراق أيام العهد الإسلامي، ولهم الأثر الجميل في كافة أنحاء المعرفة والإدارة والعمل للحضارة. وهم قوم قائم بحياله على الأرجح ولم يكن من بادية إيران كما توهم البعض بل يصح أن تكون إيران قد تولدت منه، وبنت ثقافتها على أساس البداوة الكردية، واستقت نفوسها -بلا ريب- من الكرد أو من بعض أقسامه القريبة منها. والأدلة كثيرة على قدم هؤلاء، ورسوخهم في الحضارة، فقد نزحوا الى المدن، وسكناها ومالوا اليها بألفة وقبول تامين، فلم يستنكروا ذلك، ولا عارضوا كما يشاهد في العناصر البدوية فإنهم مالوا خطوة إثر خطوة حتى وصلوا الى الزرع، ثم الى الغرس وتعهد المغروسات ثم تأسيس القرية وهكذا تدرجوا حتى فقهوا الحياة المدنية، ولكنهم لا يزالون حتى في أرقى المدن محافظين على بعض العوائد، والتقاليد القومية الموروثة، فلم يروا وسيلة لاهمالها، أو نسيانها فالكثير من الأمور لا يزال على حالته. والكرد أقرب الى تمثيل الحضارة، لم يمض أمد قليل حتى أصبحوا من أعضاء الحضارة النافعة.
والتاريخ في مجراه، وفي حوادثه العديدة برهن على أن هذا العنصر منذ دخل الإسلام صار من أهم أركانه، وأخلص لعقيدته، وتأثر بمبدئه السامي. ومن ثم نال نصيباً وافراً من الحضارة ومكانة مقبولة، مرضية. الأمر الذي دعا أن يكون من أهم أركان نهضته.. وعلماؤه، وأدباؤه ومؤرخوه، ورجال سياسته ومدنه وصناعاته. كل هذه أكبر دليل تاريخي، بل شاهد محسوس لما ناله من المنزلة السامية حتى أن زراعه في إنتاجهم، وعماله بأعمالهم لا يقلون عمن ذكر من خدام المدينة.
وهنا أستعرض بعض النصوص التاريخية فأقول: إن العرب بعد فتح البلاد المجاورة لهم صاروا يقيسون الأقوام والأمم من حيث النسب بمقياس أنسابهم وحاولوا أن يرجعوا الكرد كغيرهم الى قبائل، بل زادوا أن عدد الكرد من أصل عربي، وأيدوا عوامل المجاورة والاختلاط بعامل آخر، وهو العامل النسبي مراعاة لما كان يقول به رجال الكرد. على أن بعضهم رأى اللغة أقرب للفارسية، فاعتبروهم إيرانيين، أو أنهم أهل البداوة منهم. ولكن هذا كله لم يمنع أن يحتفظوا بقوميتهم وأنهم "كرد" لا "فرس"، ولا "عرب".
والآراء الواجبة التدقيق مما أشير اليه: 1- أنهم من ولد كرد بن اسفند ياذبن منوشهر "منوجهر" من ولد ايرج بن فريدون المعروف، وهو أول الطبقة الثانية من ملوك الفرس، قاله في التنبيه والإشراف. ولعل هذا القول مبتن على وجود التشابه في اللغة، ولكن هذا غير قطعي فبعض لغات الكرد بعيدة كل البعد عن اللغة الفارسية.
2- انهم ممن أبقاهم وزير الضحاك في حادثة مرضه المعلومة. وفي هذا ما يؤيد أنهم من الفرس عادوا الى البداوة، أو كما عبر عنهم ابن الشحنة بقوله "أعراب العجم".
3- الادعاء بأنهم قوم من الجن كشف عنهم الغطاء لا يستحق الكلام، ودعوى أنهم أولاد العفريت تفصيل لهذه الشائعة المعطوفة الى النبز، فلا تستحق البحث. 4- قال المسعودي في التنبيه والإشراف أنه "قد ذهب قوم من متأخري الأكراد وذوي الدراية منهم ممن شاهدناهم الى أنهم من ولد كرد بن مرد ابن صعصعة بن حرب بن هوازن، وفي المروج أنهم انفردوا في قديم الزمان لوقائع ودماء كانت بينهم وبين غسان. ومنهم من يرى أنهم من ولد سبيع ابن هوازن. وقد علق المسعودي في التنبيه والاشراف على هذه الأقوال بقوله: "وحرب وسبيع عند نساب مضر درجا فلا عقب لهما." فطعن بهذه الآراء، ولم يشأ أن ينسبهم إلى إحدى قبائل العرب. وقال: ومن الأكراد من يذهب الى أنهم من ربيعة بن نزار ابن بكر بن وائل، وقعوا في قديم الزمان لحرب كانت بينهم الى أرض الأعاجم، وتفرقوا فيهم، وحالت لغتهم وصاروا شعوباً وقبائل. فكان سبب تبدل لسانهم وهكذا الأقوال من نوعها. وبعد الإسلام اختلط بهم العرب، ولا نزال نسمع من رؤسائهم خاصة أنهم يمتون الى نجار عربي. وكل ما أقوله هنا ان المسعودي وأمثاله كتبوا عنهم، وسجلوا ما سمعوه منهم، ولم تكن آنئذ فكرة قوميات وإنما يعتبرون الأخوة بين الأقوام معتبرة، وإن التعادي أوجده العصر الحاضر أو العصور المتأخرة فقام الناس بالدعوة المتطرفة وبما بثوه من نزعات. وعلى كل حال لم يقنع المسعودي بأقوالهم.. ولكن هذا لا يمنع أن يكون قد اختلط بالكرد عرب، وتولوا رياستهم قبل الإسلام كما حدث بعده. ولذا قال ابن الشحنة: "الكرد من العرب ثم تنبطوا" 5- إن الكرد قوم قائم بنفسه لا ينتسب الى الأقوام الموجودة، وهو منفرد عن سائر الأمم وقرباها. قال أولياجلبي، وعدهم ممن دخل السفينة من المؤمنين وخرج منها مع نوح (ع) وأولاده، عاشوا منفردين عن غيرهم، وإن لغتهم لا تشبه الأقوام المعروفة، وحكمهم ملك يقال له (كردم) وعمر عمارات مهمة في جودي وسنجار، ومن ثم عرفوا به.
ومثله ما جاء في مسالك الأبصار قال: "الأكراد جنس خاص، وهم ما قارب العراق وديار العرب دون من توغل في بلاد العجم. ومنهم طوائف بالشام واليمن، ومنهم فرق متفرقة في الأقطار. وحول العراق وديار العرب جمهرتهم فمنهم طوائف بجبال همذان وشهرزور وغيرها."اه.
وفي التعريف بالمصلح الشريف: "ويقال في المسلمين الكرد، وفي الكفار الكرج وحينئذ يكون الكرد والكرج نسباً واحداً."اه "صبح الاعشى ج1 ص369" وفي النويري: "كرد بن مرد بن يافث" وفي رأي أكثر النسابين ان الأكراد أولاد إيران ابن ارم بن سام، أو من هوازن كما تقدم. وفي ذلك خلاف، قاله النويري. "نهاية الأرب ج2 ص290" مما يدل على انه ليس هناك رأي مقطوع به أو يصح التعويل عليه، والتوثق من صحته.
ونص المسالك يدل على انهم جنس خاص، فلم يعدّهم من الإيرانيين. ولا من باديتهم. ولا من العرب ونجارهم وهو الأقرب للصواب. ويهمنا أن لا نقف عند هذا مكتفين بالآراء القديمة المبينة أعلاه، والأخرى المتداولة في الوقت الحاضر التي لم نر حاجة في النقل منها، وجل ما توصل اليه الباحثون أنهم من العناصر الآرية، والكتب المدونة في الوقت الحاضر المؤيدة لهذا الرأي الشائع في أوربا كثيرة من أهمها: خلاصة تاريخ الكرد وكردستان لمعالي الأستاذ محمد أمين زكي، وكرد للأستاذ رشيد ياسمي، وكردلر باللغة التركية منقولاً من اللغة الألمانية، والأكراد من فجر التاريخ الى سنة 1920م ومن عمان الى العمادية فكل هذه تعرضت لأصل الكرد، وبينت أنهم من الآريين، فمن أراد التوسع فليرجع اليها..
وهنا يسوقنا البحث الى معرفة الأقوال المتأخرة لعلمائنا، ولعل فيها ما يؤيد بعض الأقوال ويناصرها. أو على الأقل يعين اضطراب الآراء وتشتتها. لئلا يرمي العرب المحدثون في التعصب للعروبة بإدخالهم ضمن حضيرتهم من لم يكن منهم وإنما المنقول من الكرد أنفسهم قديماً، ولم يكن ذلك ابن اليوم أو أمس القريب.
وفي كتاب شرح منظومة عمود النسب في أنساب العرب للأستاذ المرحوم السيد محمود شكري الآلوسي. "الأكراد جيل معروف، وقبائل شتى، واختلف نسبهم "عدد الأقوال وقال:" وقد ألف في نسب الأكراد فاضل عصره محمد افندي الكلردي، وذكر فيهم أقوالاً مختلفة، بعضها صادم البعض. ورجع فيه أنهم أولاد كرد بن كنعان بن كوش بن حام بن نوح "ع" "وسرد النقول عن مؤرخين منهم صاحب كتاب مناهج الفكر ومباهج العبر وابن الجواني في آخر المقدمة الفاضلة وكتاب الجوهر المكنون في القبائل والبطون، وتاج العروس." وفي تفسير روح المعاني عند الكلام على قوله تعالى "ستدعون الى قوم أولي بأس شديد." يعني الأكراد كما في الدر المنشور، ورجح أنهم "جيل من الناس"، ونقل عن كتاب القصد والأمم وغيره اختلاف العلماء في كونهم في الأصل عرباً أو غيرهم. وقال: والذي يغلب على ظني أن هؤلاء الجيل لا يبعد أن يكون فيهم من هو من أولاد عمرو مزيقياء إلا أن الكثير منهم ليسوا من العرب أصلاً.
وقد انتظم في سلك هذا الجيل أناس يقال إنهم من ذرية خالد بن الوليد، وآخرون يقال انهم من ذرية معاذ بن جبل، وآخرون يقال انهم من ذرية العباس بن عبد المطلب. وآخرون يقال انهم من بني أمية، قال ولا يصح عندي من ذلك شيء وصحح نسب البرزنجة وأبدى أنهم سادة انتهى ما نقل عن التفسير باختصار."اه هذا ما نقله الأستاذ الآلوسي المرحوم في كتابه "شرح المنظومة"، ولم يبد أي مطالعة حول أصلهم واكتفى بما أورد من النصوص وعلى كل انجلت ماهية الخلاف، وعرف تشعب الآراء والتعصب لبعضها.
ومن المتأخرين إبراهيم فصيح الحيدري قد تعقب ما جاء في تفسير الآلوسي فقال: "والأكراد كلهم على ما في القاموس من أولاد كرد بن عمرو مزيقيا. وذكر في مادة مزق ان مزيقيا، لقب عمرو ملك اليمن كان يلبس كل يوم حلتين ويمزقها بالعشى. فلذا لقب بمزيقيا. أقول "القول للحيدري" فعلى هذا تكون الأكراد من أشراف العرب وأكابرهم، وكرمهم وشجاعتهم وغيرتهم أعدل شهود على كونهم من أشراف العرب.
وأما ذكر بعضهم من أنهم ليسوا من العرب فهو من قبيل التعصب، وكفى صاحب القاموس تصحيحاً وشهادة، فهم على ما ذكره المجد صاحب القاموس من قحطان من العرب العاربة نسباً. لأن مزيقيا على ما ذكره علماء النسب من بني قحطان. وتبدل لسانهم لقرب منازلهم من العجم، فلسان الكرد ممزق لسان الفرس."اه "عنوان المجد ص166" وفي هذا رد ضمني لما أورده أو نقله الآلوسي في تفسيره.
ونحن لا نقول أكثر من أنهم شعب مستقل عن الشعوب الأخرى، متأثر بالمجاورين من عرب وإيرانيين. ولا ينكر أنهم اختلط بهم بعض العرب، وعاشوا معهم، وصاروا لا يفترقون عنهم بوجه وأنهم لا يزالون يحفظون أنسابهم فلا طريق للطعن كما أن كثيرين من الكرد عاشوا مع العرب والآن لا يخرجون عنهم ويهمنا الكلام على "العشائر في التاريخ" بنظرة سريعة للتوصل الى قبائل العصر الحاضر.
قبائل الكرد في العراق قديما
لا ندرك التقلبات العديدة في العصور المختلفة. ولكن الكثير من الأمثلة وما تعرض له المؤرخون في مباحث عديدة عرضاً أو قصداً قد يكشف عن صفحة مهمة، تشير الى ما وراءها، وتستدعي النظر، ومنها نعلم قيمة العشائر في هذا القطر. ولا يهمنا في هذه العجالة التفصيل، بل نرجح أن يكون ذلك "بيان مجرى"، ويؤدي بنا حتماً الى حقيقة ما هنالك على قاعدة "وليقس ما لم يقل".
أما فروعهم الكبرى فهي: كرمانج لر كلهر كوران وهناك فروع أخرى تدخل ضمن هذه الفروع. والآن لا تزال هذه القسمة القديمة معروفة مصادقاً عليها. ونصيب العراق من هذه الأقسام كبير، وإن كان لا يدعي حيازتها بحذافيرها بل لا تزال أقسام كبرى في إيران قد تفوق ما في العراق، وكذا في الجمهورية التركية مقدار مهم كما أن سورية تحوي جزءاً لا يستهان به.
وفي معجم البلدان ذكر ممن في شهرزور من الطوائف: الجلالية. وهي الكلالية المعروفة.
الباسيان. يريد ما نسميه بازيان.
الحكمية. لا تعرف اليوم وتنسب الى مروان بن الحكم الأموي.
السولية. لا يزال الموطن معروفاً.
وكان من أقضية لواء السليمانية وينطق به "سيول" أيضاً واللفظ العربي صحيح والآن يحتوي على قرى كثيرة عد منها صاحب سياحتنامه حدور 26 قرية. وجاء ذكر هذه القبيلة المعروفة بمكانها في مسالك الابصار بلفظ "السيولية" كما في السياحتنامه. وتردد فيها معالي الأستاذ أمين زكي. وعدد صاحب مسالك الأبصار من قبائلهم: الكورانية.
الكلالية.
اللورية. وهم اللرية...
بابيرية.
الخونسة.
السورانية.
السيولية.
الفرياوية. أو الفرناوية.
الحسنانية. وكذلك جاءت في نسخ أخرى من مسالك الأبصار، أو خستانية.
اليافية. "غير منقوطة".
المازنجانية.
الحميدية.
الزرارية.
الجولمركية.
الهكارية.
بختية.
الداسنية.
الدنبلية.
وفي المسعودي ما يقاربها نوعاً. وغالب نسبة هؤلاء الى المواطن والبقاع لا الى القبيلة، والأمر شائع جداً في هذه الأنحاء. وهذا يصح أن يعد الأصل في الانتساب. ويؤيد ما قررناه. وبين هذه القبائل ما هو غير معروف اليوم في الأنحاء العراقية، أو أنه يتعلق بمواطن مجاورة أو خارج العراق والبحث عن العشائر لا يقتصر على ما هو مألوف في عشائر العرب...
وإن صاحب مسالك الأبصار تكلم عليهم بالاستناد الى علماء عراقيين مثل الحكيم الفاضل شمس الدين أبي عبد الله محمد بن ساعد الأنصاري فقد توضح "تاريخ العراق" في تلك الحقبة بأمثال هذا العالم الجليل المبرز في كل علم حتى التاريخ ونظام الدين الحكم وآخرين... وإن القلقشندي والنويري اعتمدوه وأخذوه منه.
ومن ثم نرى صاحب الشرفنامة وهو متأخر من رجال القرن العاشر وأوائل الحادي عشر يتوسع أكثر. فكانت الحقبة الأخيرة بعد الشرفنامة أكثر غموضاً لقلة المؤلفات الخاصة التي نستفيد منها التطور والتحول والانتقال... ولا نتعرض لما قبل ذلك من القبائل والعشائر فالعصور القريبة منا هي هذه ونضيف اليها التحولات وما وقع من انتقال وهجرة أو جلاء، وللتعبير الأصح ندون ما له علاقة أكيدة بالعشائر الحاضرة، أو كانت له مكانة أكيدة في تاريخ العراق لا يصح التهاون بها بوجه.
ولا ننس أن الداسنية والدنبلية، والهكارية يزيدية والبختية اليوم في العراق فانها كانت ولا تزال معروفة فيه وهي يزيدية أيضاً وأما الكلالية فإنها لا تزال موجودة في العراق. ومثلها الزرارية. وهكذا. والآن أبحث عن القبائل الحاضرة، ومن ثم أراعي الصلة بين القبائل الموجودة والقبائل القديمة بقدر الامكان وبما تسمح به الوثائق التي تيسر العثور عليها، أو تمكنت من الوقوف عليها...
القبائل الحاضرة
تكلمنا على القبائل القديمة من الكرد بصورة موجزة، ويراد بها المجموعة التي تجمعها أرض واحدة، أو قرية بعينها. وتراعى فيه المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة. ويصح أن يقال أنها واسطة عقد تكون القرية ووسيلة تشكيلها. فإذا بحثنا عن القبيلة هنا كان موضوعنا يتعلق بالقرية وعلاقة الأشخاص بها، وإدارتها. فلا يفرق البحث عن هذه إلا من ناحية اتصال القبيلة بها، أو تعرف أوضاعها وحالاتها أو قل ان جماعة كردية "القبيلة" حيثما حلت كونت قرية باسمها. وهذه قد تتوسع. أو تنضم إليها غيرها وتصير إمارة... ولا يختلف هذا بين القبائل الرحالة، والقبائل المتوطنة. إلا أن الرحالة منها أقرب الى العشائر العربية في مجموعاتها، وفي القربى بين أفرادها، ولكن لا تخرج عن أنها في الأصل "قرية"، تتجول في مواطن صيفية، وأخرى شتائية تتنقل إليها لضرورة اقتضت أو لازمت حياتها، وسميت بها أثناء تكونها، ويلازمها هذا الاسم.
وقد يطول بنا القول في ذلك، والأولى أن ندخل في مباحث القبائل الحاضرة مراعين عشائر كل لواء بقدر الامكان، ومن ثم نعين أوصافها، ولكننا نبدأ بمن اكتسبت صفة متنقلة "رحالة"، ثم نميل الى المتوطنة في قرى ولا نتحول منها إلا لأسباب اضطرارية، وأحوال قاهرة قاسرة. والقبائل الكردية كثيرة، وما وصل إلينا خبره يكون بلا ريب موضوع بحثنا.
..اذهب الى الموضوع التالي
عشائر العراق - كرد السليمانية .