رابعا: ناشده باسم العدل والإنصاف ولم يهدده بالقتال .
خامسا: لم يكن شيخ الاسلام متيقنا ان قازان سيستجيب الى مطالبه ومع ذلك فقد قام بواجب البلاغ وايصال قول الحق الى هذا العدو الصائل لعل الله يجعل بنصيحته له وتفاوضه معه سببا في دفع شره او تقليله عن المسلمين
سادسا: لم يطلب ابن تيمية من قازان ان يغادر بلاد العراق التي احتلها واسقط الخلافة فيها وصال عليها واسقط حكم الاسلام وقتل خليفة المسلمين فيها ولم يطالبه بتعويض ما قام به من تدمير وقتل علما ان هذه المطالب مشروعة الا ان الشيخ قصر مناشدته لملك التتار على عدم غزو الشام وعدم الاعتداء على اهلها وذكره بموازين العدل والرحمة التي قامت عليها السموات والارض وعدم مطالبة الشيخ بخروج قازان من كل بلاد المسلمين لانه رجل عملي واقعي يطلب من العدو المقدور عليه او ما لا يستحيل عليه فعله كي يكون طلبه اقرب الى الاستجابة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
(مجموع الفتاوى ج: 28 ص: 599)
فكما يجب إزالة الظلم يجب تقليله عند العجز عن إزالته بالكلية فهذا أصل عظيم والله أعلم ) انتهى كلامه. ويقول ابن القيم رحمه الله :
(الجواب الكافي ج: 1 ص: 108): (والتحكيم في هذا الباب للقاعدة الكبرى التي يكون عليها مدار الشرع والقدر وإليها يرجع الخلق والأمر ، وهى إيثار أكبر المصلحتين وأعلاهما وإن فاتت المصلحة التي هي دونها والدخول في أدنى المفسدتين لدفع ما هو أكبر منهما ، فتفوت مصلحة لتحصل ما هو وأكبر منهما ويرتكب مفسدة لدفع ما هو أعظم منها ) انتهى كلامه .
لكن الشيخ كان قد اعد في نفسه خطة لاعادة ترتيب صفوف المجاهدين وحشدها في الشام ومصر في فترة انصراف قازان من حدود الشام وفعلا بعد فترة ليست طويلة كان الشيخ قد اعد جيشا خاض به حرب مواجهة عسكرية وليس حرب عصابات مع التتار انتهت بهزيمتهم وهذا يعني ان قوة التتار لم تكن متفوقة بفارق عظيم مثل ما عليه اليوم ومع ذلك فإن الشيخ فاوضهم وهم صائلون ومحتلون لبلاد المسلمين وطلب منهم اخف المطالب وهو عالم جليل وعاقل حكيم يعلم كيف يطبق قواعد الموازنة بين المصالح والمفاسد ويعرف كيف يدفع أعلى المفسدتين بتحمل ادناهما ويعرف كيف يضع استراتيجية الانتصار وفق خطط مرحليه تأخذ إحداها بيد الاخىر , ولم يقل له احد في حينها انه تخلى عن منهج الجهاد أو أنه تخلى عن المشروع الجهادي أو أن الأمر يستدعي تكثيف الضربات ولا يستدعي التفاوض، أو انه لوث نفسه بجريمة التفاوض مع العدو الصائل او انه ذهب كي يقضي حاجات شخصية له او مصلحة فئوية كما يشوش به بعض الناس . وقد دعي المجلس من قبل الامريكان الذين تربعوا على حكم العالم وبوساطة دولية الى التفاوض معه ولم يكن الطلب من المجلس وهذا أدعى للاجابة في ظروف وعد العدو خلالها بالانسحاب ووعد بتغيير في سياسته اما كلام العلماء المانع الذي قصده صاحب المقال فهو متعلق بموضوع الهدنة حصريا مع العدو الصائل وليس التفاوض ومع ذلك فانهم أجازوا هذه الهدنة وفق شروط وانطباق هذه الشروط من عدمه على حالتنا لا يحدده شخص واحد. وصاحب المقال خلط لفظ الهدنة بلفظ المفاوضة موهما وملبسا على الناس .
والأمريكان طلبوا هدنة مؤقتة مقابل الاستجابة لطلب المجلس لإثبات حسن نية العدو فرفضها المجلس إلا بعد الانتهاء من المفاوضات والاتفاق على صيغة نهائية ولم يدخل المجلس في موضوع الهدنة من قريب أو بعيد. واما بذل الوسع في دفع المحتل ومناجزته من قبل فصائل المجلس فهو أمر معلوم مشاهد لا يخفى على أحد بل ان المجلس قالها في وجه العدو انكم وان اعلنتم الانسحاب فلن نترك جهادكم ما دمتم تحاربوننا وتعتدون على أهلنا وتؤسسون لباطل يهضم حقنا على يد أقوام من بني جلدتنا يخلفونكم فينا وهم صنيعة لكم .
قال صاحب المقال:
لكننا ننبه إلى خطورة أن ينسب رجل يتكلم باسم جماعات يفترض أن تزن أقوالها وأفعالها بميزان الشرع، فينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أمراً لم يكن له أصل وتجتهد هذه الجماعات في أمور خطرة بما يتلاءم ومصالحها الفئوية وتلبسه لباس الشرع وتصفه بأنه هدي نبوي. انتهى
نقول: كما قال المثل رمتني بدائها وانسلت
لا تنه عن خلق وتأتي مثله
عار عليك إذا فعلت عظيم
ان اقرب مثال من السيرة هو تفاوض النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق مع المشركين ولا يوجد دليل من كتاب أو سنة ولا من اقوال اهل العلم يمنع التفاوض مع العدو إذا كان صائلا وان الخطورة ان يحرم بعض الناس ما أحله الشر ع او يأتي بتأصيل لم يقل به احد من أهل العلم بل قالوا بخلافه ثم يرمي من وافق الشرع والعقل وأقوال اهل العلم بأنه فعل ذلك يبتغي مصالح فئوية فهل شققتم عن قلوب الناس؟ وهل انتم بمنأى عن مثل هذا الاتهام؟ ونحن نقول فتشوا قلوبكم هل ما قلتموه خالصا لوجه الله ام لحظوظ نفس أمارة بالسوء؟ اما قول الكاتب وتجتهد هذه الجماعات في امور خطيرة فانا لا نعرف ما هي الامور الخطيرة المزعومة وما هو الا اجتهاد في طاعة بينة معروفة وسياسة مشروعة. قال صاحب المقال :
رابعاً: الذي نعتقده أن هناك مؤامرة يحيكها الأمريكان وافقت هوى وطموحات البعض، هذه المؤامرة هي الإتيان بمن يرضى الجلوس والتفاوض معهم ومن ثم تقديمهم على أنهم ممثلون للمقاومة العراقية ليدخلوا فيما يسمى العملية السياسية أو النظام السياسي الذي تحدث الجبوري عن إصلاحه، لتكتمل صورة ما يسمى (بالمصالحة الوطنية) التي تتحدث عنها الإدارة الأمريكية الجديدة، وبالتالي (شرعنة) مشاريع الاحتلال والحكومة التي جاء بها، باعتبار دخول من كان في المقاومة أو من يمثلهم فيها، ولعل من أجل ذلك جاء (بايدن) قبل أسابيع إلى العراق. انتهى
الجواب:
قال الله تعالى : {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } الأحزاب58
ان هذا الذي يعتقده الكاتب من نزغ الشيطان الذي يلقيه في قلب المسلم حال الغفلة ليحرشه على إخوانه ثم المأمول أن يتوب منه ويستغفر الله وهو حال أهل التقوى {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } الأعراف201 اما ان يتحول الى اعتقاد جازم يبوح به ويثقف عليه ويسود الصحائف به فهذا إصرار على الذنب. إن ما تقوله أيها الكاتب تكفير لفصائل المجلس ومعنى كلامك ان الأمريكان حاكوا مؤامرة عرضوها على فصائل المجلس التي سارعت إلى قبول هذا العرض لينالوا منصبا وعرضا من الدنيا زائلا يحقق لهم طموحهم الدنيوي ويحبط عملهم الأخروي بتحقيق أهداف الأمريكان وشرعنة مشاريعه الكفرية (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) وهل تظن نفسك انك الذكي المتفرد الذي يعرف دسائس العدو وما يمكر به لأهل الإسلام وانك التقي الأوحد الذي يعرف كيف يحتاط لدينه منهم .
ان ما ذكرته من تآمر الأعداء نعلم انه حق وما يخفونه في صدورهم اعظم ، لكن من أين لك ان هذا وافق هوى في نفوس فصائل المجلس وأنهم سارعوا الى القبول بالعملية السياسية تنفيذا لأغراض المحتل كي يشرعنوا مشاريعه الا تخشى ان يبتليك الله ويعاقبك على هذا البهتان العظيم
قال صاحب المقال:
ولقد كنا حذرنا من هذا الانحدار ومخاطره على الساحة الجهادية في البيان التفصيلي لأسباب خروجنا من الجبهة والمجلس السياسي (عباد الله تمايزوا)، حيث لاحظنا أن البعض مصمم على الدخول في مثل هذه المشاريع، ولما عجزنا عن منعهم فاصلناهم، فكانت قراءتنا لتوجهاتهم صحيحة ودقيقة . 3