القضاء في البادية
بسم الله الرحمن الرحيم
سأتطرق اليوم لموضوع القضاء في البادية
قديما ....
يخضع القضاء في البادية للعرف والعادة , ويتوارثه الابناء عن الاباء , ويسمى القاضي عارفه, وابن العارفة يرث
المعرفة بالقضاء عن ابيه باكتساب الخبرة من مجالسة ابيه وحضور البت في القضايا التي تعرض عليه , وتعد مجالس
القضاء في البادية مدارس يتخرج فيها القضاة الذين يحرصون على حضورها , والقضاء عندهم مستمد في اساسه من
الشريعة الاسلامية , ولكن مع مرور الزمن ادخل عليه الكثير من العادات والتقاليد والاعراف الموروثة , ولكنه لا يخلو من
التنظيم ويبقى قريبا من المعقول في بعض احكامه
وشيخ العشيرة هو الرئيس الاعلى للقضاء فان اراد فصل من لدنه في الامور المتنازع عليها وان شاء ساق اصحاب القضية
الى احد القضاة العوارف ليحتكموا اليه .
وفي القضاء البدوي قضاة مختصون ,
فهناك قاضٍ للجنايات وقاضٍ للحقوق وقاضٍ النساء والخيل .....
ويسمونه قاضي المقلدات
ويعنون بالمقلدات الخيل والنساء
ويختص ابن سمير في ضنا مسلم بالقضاء الجنائي ويسمونه مقطع الدموم
بينما يختص ابن جندل بالحقوق والنساء ويسمونه قاضي المقلدات
وفي القضاء البدوي فيما يشبه الاستئناف والتمييز كما في المحاكم المدنية , فيحق لاحد الخصمين ان يطلب من القاضي
السماح له بعرض القضية امام قاضٍ اخر اذا راى انه في المسالة غبنا له , وهذا ما يشبه الاستئناف
وكان الطيار ابو عنزة هو العارفة الوحيد التي لا تستانف القضية القادمة اليه وتبت من عنده
وذلك بان يقول : سقني على غيرك وهنا يختار القاضي الاول قاضيا اخر يتوسم فيه المعرفه
والقدرة على البت في هذه القضية ويقول له سقتك على فلان
ويذكر له اسم العارفة .
وفي هذه الحالة ايضا يحق لاحد الطرفين المتقاضيين ان يطلب من القاضي الثاني احالة القضية الى قاضٍ ثالث
بالعبارات نفسها التي رددها عند القاضي الاول وهذا ما يشبه التمييز في القضاء المدني , وهنا يكون الحكم قطعيا
وغير قابل للاعتراض بعد البت في القضية من القاضي الثالث.
ولكل من الخصمين الحق بتوكيل من ينوب عنه بعرض قضيته امام القضاء والدفاع عنه اذا كان ضعيف الحجة
لا يحسن شرح قضيته امام القاضي , وذلك بان يختار رجلا ممن يحسنون الدفاع والمحاجة ويقول له العبارة المتعارف
عليها انا ملبسك عباتي ونادرا ما يقابل هذا الطلب بالرفض وهذا بديل عن المحامي في القضاء
المدني الا انه لايتقاضى اجرا في معظم الاحيان . وللقاضي حق معلوم من مال او حلال اذا بت في المسالة من عنده
ويساوي هذا الحق ثلث قيمة القضية في حال كانت مالية وتسمى الرزقه اما جلسة القضاء
فتسمى الطلابة
ويبدا عرض القضية امام القاضي بوجود كل من الخصمين المتقاضيين او من ينوب عنهما فيدلي كل منهما بحجته عارضا
قضيته بعبارات واضحة وصريحة مذكرا القاضي بالله وان عليه احقاق الحق مرددا احدى الجمل التالية:
وش عندك يابن فلان واذكر الله يابن فلان
وش عندك يا عارفة العرب يا فكاك النشب
ويحصر الشهود الجلسة اذا استدعى الامر ذلك ولا تقبل شهادة من سبق له ان حلف يمينا كاذبا
ويستمع القاضي لهم فان كانت قضيتهم من القضايا المعروفة بت في الحكم وان لم يستطع ايجاد حل لها فانه يطلب من ا
المدعي البحث عن قضيتين مشابهتين لهذه القضية وكيف قضي فيهما وهذا ما يشبه القياس في القضاء المدني
وقبل النطق بالحكم يطلب احد الخصمين من خصمه الاخر السماح له بان يختار كفيلا يضمن له حقه بان يقول
هدني على كفيلي فيقول له خصمه هديتك
وينتقى الكفيل عادة من الرجال ذوو النفوذ في العشيرة فيقول انا منهد على فلان ويسمي
اسم الكفيل وليس بالضرورة ان يكون الكفيل حاضرا
وهنا الكفيل ملزم بكل ما يترتب على الكفال فان امتنع الخصم عن
التادية يكون الكفيل مسؤولا عن تحصيل الحق واجباره على ذلك حتى لو استعمل القوة.
وفي القضايا الجرمية
يعين من اجل ذلك كفيلان احدهما يسمى كفيل دفا والاخر يسمى كفيل وفا
فكفيل الوفا لتحصيل الامور المالية وكفيل الدفا لضمان عدم مطالبة
اهل المقتول بحقهم في الثار
وتعد هذه المسالة من المسائل الهامة والتي تلقى احتراما من قبل الجميع
وهي ضمانة جيدة وقوية لعدم تكرار الجريمة
فلو حصل وان قام اهل المقتول بالتعدي بالقتل من الطرف الاخر
هب الكفيل وعشيرته لتطبيق الاجراءات
المترتبة عن الاخلال بشروط الاتفاق بكل قوة وبلا رحمة
ويحق للكفيل الاغارة على المعتدي سبع مرات يسيل في كل مرة
منها دماء من المعتدي او اهله او عشيرته
واذا ادعى شخص على اخر ورفض المدعي
عليه الاذعان للحق او القضاء لضعف خصمه او قلة عشيرته
ففي هذه الحالة
يلجأ الخصم الضعيف الى احد الرجال الاقوياء ذوو النفوذ بالعشيرة فيعقد طرفي منديله ويقوله :
انا بوجهك على الحق
ويشرح له ظلامته ومن المعيب جدا على الملتجا اليه رفض الطلب
وعندئذ يرسل هذا الاخير الى المدعي عليه يطلب منه الاذعان للحق
ومقاضاة صاحبه واذا رفض التقاضي فان المستجار به يجبره للحق بالقوة
ومن جملة الاجراءات المتخذة في هذه الحالة
ان يستاق المجير ابل الخصم فيحتجزها ويضع العقل في ايديها
حتى يذعن الخصم للحق ويعد هذا مثالا رفيعا على نصرة المظلوم والاخذ على يد الظالم
ولا يحكم القاضي عندهم بالاعدام على القاتل لان اهل المقتول لا يقيمون دعوى في مثل هذا الحال
انما يحصلون حقهم باخذ الثار بانفسهم
والذي يقتل انسانا بالخطا يدفع الديية ولا يقتل
ولكنه يجب ان يجلي عن الديرة لبعض الوقت حتى تهدى النفوس
ويدفع من يحدث في انسان عاهة مستديمة كبتر ليد او فقدان نظر
ويسمونه سطوة
وهي مبلغا من المال يقدره القاضي عند الصلح
ومن يقتل حيوانا خطا يغرم بثمنه واذا عمدا يغرم باربع امثال ثمنه
وعند المصالحة
يذهب مجموعة من الرجال تسمى الجاهة
بناء على طلب من ارتكب الجرم او اهله او عشيرته
وينتقى رجال الجاهة من وجهاء القوم ومن ذوي الحلم والنفس الطويل
لانه قد توجه اليهم الاهانات ممن وقع فيهم الجرم في بعض الحالات اذا لا يرغبون الصلح
وعلى رجال الجاهة ان يتجاوزوا مثل هذه الحالات بصبر واناة
فاذا وافقوا على الصلح تجري المفاوضات للاتفاق على المدّى
وتوافق الجاهة على كل ما يطلبوه حتى اذا عقد الكفال انهدوا على الكفيل
يعيدونهم الى ما يجيزه لهم القانون في القضاء البدوي لان مقدار الدية معروف عندهم في العشيرة وخارجها
فعند ضنا مسلم مقدار الدية ضمن العشيرة
اذا قتل القريب قريبه خمسون بعيرا والسلع وهي الفرس او الذلول والسيف او
البندقية ويحمل التبعة مع القاتل ضمن العشيرة اقاربه حتى الجد الخامس
سواء كان طاردا او مطرودا
اما بعد ذلك فلا تبعة عليهم واول ما يترتب عليه من اجراءات يقوم بها القاتل وذووه في حال
كان وقوع الجرم ضمن العشيرة هو الجلاء الى عشيرةاخرى بعيدة عنهم في النسب
فمثلا اذا كان الجاني من ضنا مسلم فلا يحق له الجلاء الى اية عشيرة من ضنا مسلم وانما
يجلي ال ضنا عبيد مثلا او اي قبيلة اخرى
وبعطي الجاني مهلة ثلاثة ايام وثلث اليوم كي يصل الى مامنه يكون خلالها
في جيرة احد رؤوس القوم في عشيرته ويسمون هذه المهلة عطوى
اما اذا وقع الجرم خارج العشيرة فان الجاني لا يجلي وتحميه عشيرته .
وهناك احكام يلجا لها القاضي في حال لم يتوصل الى نتيجة او لعدم رضى المجني عليه بالحكم ومنها :
البشعة - الوساقة
ومن القضاة الذين اشتهروا في الباديه
1)) بنيان السحالي من المطارفة من السلقا من العمارات من عنزة قاضي مقلدات
2)) ابن شيليتي من الغبين من الفدعان من عنزة
محمد الرميح من الملحم من الحسنة من عنزة
منقول بتصرف