الحذاء أصدق أنباء من بوش
عبد الرحمن السيد
في قصص التاريخ قرأنا أن بغداد كان فيها رجل شهره حذاءه من خلال قصص: منها ما حصل ومنها لم يحصل، لكن الحبكة القصصية والدرامية ولكثرة الرواة أصبح لها تفريعات كثيرة من أمور فعلها الحذاء بصاحبه، "أبو قاسم الطنبوري".
والجميع يعرف قصة الحذاء الذي يجلب المشاكل لصاحبه ولم يستطع أن يتخلى عنه مهما حاول أو فعل، والآن بعد عشرات من القرون يخرج حذاء جديد ومن بغداد أيضاً، لكن هذا الحذاء يعيد الكرامة والعزة إلى امة بكاملها بعد سنوات من الذل وحالة عدم التوازن التي عاشتها بسبب أحذية الطغاة الجاثمة على صدور الشرفاء من الأمة لرفضهم أن يكونوا تابعين عملاء.
"منتظر الزيدي".. علامة فارقة في عالم الصحافة.. أول رجل مقاوم في العراق يوجه صفعة مباشرة بوجه رئيس دولة الاحتلال وبماذا بحذائه، نعم بحذائه، بعد سنوات من المقاومة بسلاحه القلم و(المايك) حيث- وكما قرأنا في سيرته الذاتية- إن "منتظر" كان رافضاً للوجود الأميركي، من خلال ما كان يقدمه من تقارير لقناة البغدادية التي يعمل بها.
المهم، أن هذا الرجل لم يستطع أن يرى محتل
|
القذيفة الأولى |
بلاده يضحك لمستقبليه، وهو يدوس بحذائه على آلام النساء، ووجع الرجال وقتل الأطفال، تذكر "غوانتانامو"، وأبو غريب، وتذكر قصف بغداد، وقصف الفلوجة، وسرقة النفط، والسيارات المفخخة التي يضعها المحتل ويحصد بها عشرات الأبرياء، ويسجل جرائمه هذه باسم المقاومة الشريفة.
تذكر "منتظر" دماء الجرحى وصراخ الأمهات، وتصفية العلماء، كل هذه الصور مرت من أمام عينيه، حيث لم ينتظر أكثر من هذا ليسجل في وجه "بوش" وصمة عار بحذائه الشريف، وكان لسان حال "منتظر" يقول: «الحذاء اصدق أنباء من الكلب/ في ضربه الحد بين الصدق والكذب»، (في إشارة إلى ما تفوه به عندما رمى بحذائه حيث قال: «خذ قبلة الوداع يا كلب»).
ما لاحظه الملايين أن "منتظر" استطاع أن يميّع زيارة "بوش" حيث تناولت وسائل الإعلام قصة حذائه أكثر من المباحثات ومن الأوامر التي جاء
|
القذيفة الثانية |
بها "بوش" للعراق وللقائمين عليه، الملاحظة الثانية أن "منتظر" كانت قذيفتاه الشريفتان دقيقتين بالتصويب، اضطر الرئيس المتعجرف "بوش" أن ينحني لها، بعد أن حقّر السيف العربي قبل أشهر عندما حمله سيئ الصيت "بوش" ورقص به، وكأنه يقول: «انه رمز عزتكم ها أنا أراقصه ثم ارميه».
لكن "منتظر" أعاد كرامة السيف بضربتي حذائه، الذي أقترح أن يُؤخذ ويحُفظ في متحف خاص اسمه متحف الكرامة، ويوضع في المستقبل مع الأسلحة التي استخدمت لإخراج المحتل في قادمات الأيام.
حذاء "منتظر" الشريف.. اثبت أن ديمقراطية بوش والعهد الجديد كذبة كبيرة من خلال ما شاهده الجميع من ضرب مبرح وهجوم كاسر لأول إنسان حاول أن يطبق الدروس النظرية للبروفسور "بوش".... الذي استمر يُعلّم العراقيين دروس الديمقراطية المبشر بها، ولأن الدرس لا يفهم إلا بالتجربة حاول "الزيدي" أن يطبق ما جاء به بوش أمام الجميع وقبل أن يرحل الأستاذ إلى غير رجعة، حتى يستطيع أن يغير وصفته الفاشلة.
فشلت التجربة وتمزق القناع أمام الجميع، وانهارت الديمقراطية بالضرب بقوة على يد "المنتظر" الذي أعاد كرامة امة كاملة بصفعة حذاء في وجه طاغية.
نعم الكرامة تعني رمي حذاء في وجه الطغاة.