قصة المرأة البجارية
التي قصت جدايلها وأعطتهن للشيخ /هواش المسلط /
في الحياة البشرية قصص وأحداث تتفطر لها القلوب , وتقشعر لها الأبدان لما تحدث في النفس من أثر بليغ ومن هذه الأحداث القصة التالية :
- كان من عادات الشيخ هواش المسلط إضافة إلى شجاعته وكرمه اتصف بأنه يوصل المقطوع حتى أنهم أسموا سيارته بسفينة نوح لكثرة ما يحمل بها من المقاطيع ، وكذلك أسموا سيارته البيضاء بعير الله وهذه التسميات ليس مصدرها قبيلة الجبور بل قبائل أخرى . ومما يذكر أنه ذات مرة بينما هو في مكان بعيد في الصحراء إذ التقى بامرأة وأطفالها فوقف سيارته وحملها هي وأطفالها فقال لها : من أي مكان أنت فقالت مشيرة من تلك الجهة , أي أنه كانت تريد أن يوصلها إلى مكانها بالذات وتابع الشيخ هواش مسيراً طويلاً دون أن يصل مكان أهل تلك المرأة وهي تقول له : أنزلنا أيه الأجودي – لكنه أبى إلا أن يوصلها بيتها بالذات , ولا أطيل القصة حتى أن المسافة استغرقت يوماً كاملاً تقريباً إلى آخر قرية من قرى جبل عبد العزيز من الرقة وحين وصلت أهلها وعشيرتها سألته : بالله عليك أيها الأجودي ألست الشيخ هواش , قال لها : كيف عرفت ذلك ؟ فقالت له : سمعت عنك الكثير وقلت في نفسي إذا كان في الدنيا واصل المقطوع فهو أنت , والناس هنا يسمون سيارتك سفينة نوح فقال لها : لا علم لي بذلك وإنما هذه عادة لي ولوجه الله , ثم حاول أهلها وعشيرتها أن يتناول عندهم طعام العشاء لكنه رفض ذلك رأفة بحالهم فقال لهم : لدينا مشاغل أخرى كثيرة. كما أنه كان من عادته ألا يكلف أحداً فوق طاقته وهنا طلبت منه المرأة أن
ينتظرها قليلاً فعلاً انتظرها فما كان منها إلا أن فكرت بماذا ترد هذا الجميل للشيخ هواش المسلط أن ترد هذه الجميل وهذا المعروف الإنساني للشيخ هواش فدخلت بيتها وتناولت سكيناًً وقصت جدائلها ( ضفائرها ) وجاءت بهن للشيخ هواش قائلة بكل التأثر الكلمات المؤثرة التالية :
أيها الأجودي خذ هذه أجرتك , وأخشى أن أموت قبلك فلا أحضر موتك لأقص عليك جدائلي , وأنك تستاهل أن أحزن عليك لأن معروفك هذا لم يفعله أحد قبلك ولا أظن أن أحداً سيفعلها بعدك , وعاد الشيخ هواش إلى أهله وعشيرته دون أن يحكي هذه القصة لأحد طيلة حياته إلا أنه وفي موكب عزائه تناقل الناس والرواة هذه القصة على لسان المرأة البجارية , وراح الناس يتندرون بهذه القصة من قصص أجواد العرب.
وما زالت عشائر البكارة والعكيدات يسمون سيارة الشيخ هواش ( سفينة نوح ) أو بعير الله , رحم الله الشيخ هواش لقد كان شجاعاً وجواداً أريحياً يوصل المقطوع ويرد حق الضعيف وينصر المظلوم ويكاد يكون آخر الرجال الفرسان في عصره لكن أملي كبير بالله فالنساء ما زالت تتوالد ولكل زمان دولة ورجال...
فيه قول الشاعر :
فــتى لا يـلـوم الـســيــف حـين يـــهـــــــزه
على ما ابتلى من معصم وصليف
فتى لا يحب الزاد إلا من التقى
ولا المال إلا من قنا وسيوف
فقدناه فقدان الربيع وليتنا
فديناه من فتياننا بألوف
بكت عليه زبيد يوم وفاته
وأبرز منها كل ذات نصيف
عليك سلام الله وقفاً فإنني
أرى الموت وقاعاً بكل شريف
يقول الشاعر المهندس / صلاح الندى / :
عن قصة المرأة البجارية التي قصت جدائلها وهي من الشعر الشعبي :
والسيارة البيضا .... تسولف لي ..
على الشيمة .. على ترفة مقطوعة على الدربين ....
على دروب السفر تنشد . منو انت ....؟! ... عليك الوصف واللاحة ..
منو انت .. ؟ انت هواش .....؟؟
معاك الله .. خذت سكين مسنونة ...
أقف تعطيك حق ركوب ... قصت كل جدايلها ..
قصت كل جدايلها ...
بديرتنا .... ولا يمكن هكيت ألقى .. وقلت بلكي وألف إبرة .. ألف إبرة ما ساون المخاط
ولا يقظن حاجة حمولتنا.